لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
احتراف الكتابة الصحفية
موهبة الكتابة متشعبة، من امتلكها تجده يقف في المنتصف أو المفترق وحوله من كل اتجاه طرق كثيرة، البعض يحتار أيهما يسلك! فمن غلب على شغفه الخيال والعواطف تجده يتجه إلى طرق الأدب بمختلف أنواعه، قصصي أو شعري وما شابه. ومن غلب على شغفه المغامرة وحب الوصول إلى الحقيقة تجده يتجه إلى الصحافة. أي أن موهبة “الكتابة” هي الأصل أو نقطة التقاء مفترق الطرق لكل من ينتمي لهذه المجالات؛ لذلك تجد الكاتب في أي مجال كان يستطيع التنقل بين باقي المجالات إذا درس قواعده بسهولة؛ لأن التربة الخصبة موجودة عنده وبقي له غرس البذرة التي يريد فيها لتخرج له حصاد الصنف الأدبي الذي سيمتهنه.ستسألني الآن.. وكيف أحترف الصحافة دون الحاجة إلى الدراسة في كلية الإعلام أو كلية آداب قسم صحافة، فهما السبيلان الوحيدان اللذان تعرفهما لاحتراف الصحافة؟دعني أُفاجئك، أنا أيضًا كنت مثلك في بداية مشواري، أحببت مهنة الصحافة منذ صغري وزاد حبي لها في المرحلة الثانوية، وعندما دخلت كلية أخرى غير الكليات المؤهلة لدراسة الصحافة لم أيأس، منذ السنة الأولى لي بالجامعة اشتركت بالقسم الثقافي وانتهزت أَقرب فرصة لأنقض على أمنيتي، لم أنتظر أن تأتي لي الفرصة المناسبة على طبق من ذهب، بل صنعتها هي والطبق بنفسي.بداية الطريق
سأخبرك الآن عن طريقة مُجرَّبة وناجحة أوصلتني لرئيس قسم التحقيقات والأخبار والمسؤولة عن تدريب المحررين الجدد بإحدى الصحف دون شهادة أكاديمية:1- سعة الاطلاع سواء على أخبار محلية، أو دولية، أو قضايا رأي عام، أو معلومات عامة وشخصيات محورية في البلاد.
2- البحث في قواعد الكتابة الصحفية، وهذا متوفر على الإنترنت في كل زاوية بالشبكة العنكبوتية أو من خلال الدورات.وهذه الدورات ستجدها إما على الإنترنت، ومتاح منها المجاني وبمقابل مادي أيضًا، أو من خلال أماكن ودور، وأيضًا منها المجاني ومنها ما هو بمقابل مادي.“بخصوص الذي بمقابل مادي، ابحث عن الصحفي أو المحاضر بصفة عامة قبل الذهاب، أنت الآن بدأت طريقك في مهنة البحث عن الحقيقة أيها المحرر الهُمام، أي أن البحث عنوانها، فابحث جيدًا وتحرى عن المحاضر، فبعض المحررين والصحفيين الصغار يتخذها مصدرًا لجني المال وهو لا يملك القدرة ولا الإمكانات الكافية التي تؤهله لتدريب محررين جدد”سأخبرك سرًّا لا تُفْشِهِ، عندما كتبت أول تحقيق لي، لم يكن متوفرًا على الإنترنت الكثير من المقالات الشارحة لقواعد الكتابة الصحفية، ولم يكن متوفرًا عندي “نت” كافٍ لمزيد من البحث، فاخترت أن أعلم نفسي بنفسي، لا تستعجب كثيرًا من الطريقة التي اتبعتها، ولكن دعنا نحصرها في الخطوة الثالثة والرابعة والخامسة..
3- البحث عن موضوع يدعم خطوتك الجريئة القادمة يكون سببًا لقبول المكان الذي ستتقدم إليه بك دون شهادات من الجهات المعنية بمهنة الصحافة. وفي تجربتي حاولت في البداية البحث عن موضوع أتقدم به إلى جريدة، كما أخبرتكم ليس بيدي شهادة جامعية سواء في الصحافة أو غير، ما زلت في سنتي الجامعية الأولى، فتتبعت الوقفات هنا وهناك وخاصة بمكان دراستي، وبالفعل كافأني الله على اجتهادي وحصلت على موضوع ثقيل.
4 – البحث عن جريدة صغيرة تقبل بموهبتك واجتهادك كعنصر أساسي، وإذا كان موضوعك ثقيلًا بحق تستطيع تقديمه لصحف كبيرة وأنت تضع ساقك فوق الأخرى؛ ولذلك بحثت في الصحف بصفة عامة وخاصة الصغيرة حتى وجدت ضالتي. أحضرت عددًا من الصحف الورقية، وفيما بعد ذهبت إلى “دار الكتب والوثائق القومية” الموجودة بوسط البلد، ثم قارنت بين عدد من التحقيقات من حيث العناصر المتشابهة وطريقة الكتابة.
5- اكتب حتى وإن أخطأت فموضوعك سيتحمل معظم أخطاءك إن كان يستحق، وإن لم يكن ستكون محاولة سأخبرك كيف تتخطاها فيما بعد، وهذا ما فعلته.. كتبت أول تحقيق لي دون دراسة أكاديمية أو حضور دورات أو حتى أي إرشادات، أقول لك الأغرب؟لقد نُشر تحقيقي الأول دون أي تعديل حتى في العنوان وباسمي بسبب أهميته، خاصة أني وعدتهم بالمزيد من المستندات الخاصة بالفساد في هذه القضية والتي كانت تمس بعض المسؤولين في الصحة.الأمر ليس صعبًا، ابحث كثيرًا ونظم خطواتك تصل إلى هدفك، على قدر محاولاتك واجتهادك سيقصر وقت الوصول أو يطول، المهم في النهاية أن تصل.في مقالي القادم سأخبرك كيف تصل إلى قضايا كبيرة، وأفكار جديدة تنقلك من محرر مُتدرب إلى صحفي مُثبَّت، كتاباتك يرأسها اسمك، الأسلوب سيأتي بالتدريج، وستتعلم مع كل موضوع خبرًا كان أو تحقيقًا أو تقريرًا حبكة الكتابة الصحفية. واعلم.. “ما من إنسان يولد كبيرًا، فالصغر بداية كل كائن وفكرة واختراع، شارك في كبر حُلمك وأمانيك، اصنع لنفسك مجدًا خاصًا بك، اترك أثرًا يدل أنه كان هناك إنسانًا يحاول”