لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لماذا نغضب من الذين نحبهم أكثر من غيرهم؟
حينما يجد الواحد منا أحدًا يحبه يبقى بجانبه، سواء أكان ذلك الشخص صديقًا أم حبيبًا فإننا نشعر أنه الأمان والسعادة وأن لا شيء ينقصنا هناك، نغفل عن أنه يختلف عنا، وأن قناعاته تختلف عن قناعاتنا، كما أننا نتوقع منه غفرانًا دائمًا، لذلك يمكن أن نقول أن كلمة السر هي "رفع سقف توقعاتنا" فنحن حينما نحب أحدًا نرسم التوقعات الوردية، نتوقع عطاءً لا ينقطع، وتفهمًا لا يَنْضَب، وحياة أفضل من الحياة التي نحياها. لذلك فإننا حينما نحب أحدًا أو نصادق أحدًا أو حتى نبدأ مشروعًا جديدًا يجب ألا نرفع سقف توقعاتنا، فحينما لا نضع توقعات كبرى من البداية لن يحدث ما يسيء إلينا.الأمر الآخر القادر الذي يجعلنا نغضب منهم بالأكثر أنهم يعرفوننا! أعرف أنك تتعجب الآن، لكنها الحقيقة، منذ فترة ابتعدت عن صديقة مقربة لأنها أساءت فهمي وعاقبتني على ذلك الأساس بينما أنا لم أعن ذلك المعنى الذي وصلها، لذلك ابتعدت عنها، لقد كان خذلانها قاسيًا فهي التي تعرفني، وتعرف ما يغضبني وما يخيفني كيف تسيء فهمي إلى تلك الدرجة، كان الأمر بالغَ الصعوبة قادرًا على جعلي أن أشعر بالحزن يستوطنني، لذلك ابتعدت وهو رد فعل قاسٍ، ولكنه يساوي ردّ فعلها.هنا نحن لم نرفع سقف التوقعات بل "لم نتوقع" أن يسيئوا فهمنا أو يغضبوننا أو يُقدِموا على أفعال قد تجرحنا على الرغم من معرفتهم أنها ستجرحنا!
أنت تسأل لماذا تقسو على من تحبهم أكثر ودائرة الأمان تجيب
قصَّت لي الصديقة الحكاية بتلك الطريقة:
(كنا نلعب أنا وابنة خالتي في المنزل وبينما نحن منهمكتان في اللعب، وتجري الواحدة منا خلف الأخرى، وفي تلك اللحظة بالذات سقطت المزهرية -التي تحبها أمي- على الأرض، صوت الارتطام والتحطم جعلها تأتي مهرولة إلينا وعلى الرغم من أن ابنة خالتي هي السبب في وقوعها إلا أن أمي عاقبتني أنا).هل صرخت مرة من الغضب في وجه أولادك وحينما تحدث إليك مديرك من العمل أخفضت صوتك وحادثته بهدوء، على الرغم من أن الغضب الذي يجعلك تصرخ ويمنعك من السعادة في الحياة هو المتسبب به لأنه يثقلك بالعمل؟هل غضبت من أخيك ولم تغضب من صديقك، أو فعلت مثلما فعلت أمّ صديقتي وعاقبت غير المخطئ لأنه تحت يديك، لأنه من دائرتك المقربة، لأنك تضمن ردّ فعلك، أو تتوقع أن يتحملك هو بلا تململ، أو غضب؟في المقال المنشور عام (2014م) تحت عنوان (Everyday Aggression Takes Many Forms) ذكرت دكتورة "Deborah S Richardson" ملاحظة هامة وهي أن الإنسان يصبّ غضبه على الأشخاص الذين يحبهم أكثر من غيرهم، لأنهم يرونهم كــ "Safe Target" أو دائرة أمان أو ما تريد أن تطلق عليهم. فهم الأشخاص الذين نتوقع منهم أن يقبلونا في كل حالتنا، لا نتوقع فقط بل نرى أنه من اللازم عليهم فعل ذلك لأنه دورهم، ولأنهم طالما يحبوننا فيجب أن يتحملونا في كل الحالات، ويؤسفني أن أخبرك أن هذا الأمر غير صحيح.فلكل البشر قدرة على التحمل يقفون عندها، ولا يمكنهم تجاوزها، لأنهم بشر ويشعرون بالضيق والحزن مثلك، ويشعرون بالتعب، لديهم حيواتهم، ولديهم ضغوطهم الخاصة، لذلك فإن كنت تتوقع أنك حينما تخطئ ستقابل بالمغفرة دائمًا، فأنت واهم! يجب عليك أن تستفيق من حلمك الجميل، ولا تنس أنك أيضًا دائرة الأمان لأناس آخرين مثلهم من الممكن أن يضغطوا عليك، ويضايقوك فقط لأنك تحبهم.
ما يجب علينا فعله لألّا نسقط في دائرة الأمان
- يجب علينا أن نراعي دائمًا الحدود في العلاقات، الحدود بيننا وبين الذين نحبهم، ألا نؤذي أحدًا ولا نسمح لأحد بأذيتنا، وأن نتذكر دائمًا أن ما من سبب يجعل الذين نحبهم يتحملون غضبنا المبالغ فيه أو مشاعرنا السلبية، فنحن واهمون بشأن ذلك، من الممكن أن يتخلى عنا الذين نحبهم حينما نسيء إليهم.
- يجب أن لا نفرط بالتوقعات، حتى لا نصاب بالخذلان، لأن التوقعات هي أكثر الأمور سوءًا وهي أسهل الطرق التي تُكسر بها قلوبنا، لأننا لن نحزن على أشياء لم نتوقعها فهي لم تمرّ ببالنا منذ البداية، فكيف تجرحنا أو كيف تصيبنا بخيبة الأمل، إن لم نتوقعها من البداية.
- جدّدوا علاقات الحب والصداقة دائمًا، لا تتخيلوا أن من أمامكم سيكون قادرًا على الفهم دون أن تعبِّروا عن دواخلكم، بل يجب علينا دائمًا أن نُفصِح عما يسعدنا أو ما نحبهم من أجل أن يفعله الطرف الآخر وما يضايقنا من أجل أن يتجنبه لذلك يجب علينا دائمًا أن نتذكر ألا أحد يمتلك الكرة البلورية أو يقرأ أفكار الآخر، ليفعل له ما يريده دون أن يقوله.