لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
الطبخ والحمية
في الزمن الماضي زمن الجدات لم يكن معدل السمنة مرتفعًا مثلما عليه الآن، كان الأكل في المطاعم يقتصر على طبقة عُليا، أو حتى في سهرات أو مناسبات عائلية خاصة، رائحة المنازل كانت عابقة بروائح الخبيز واللحم المُعدّ في المنزل والملفوف، لم تكن الصالات الرياضية مفتوحة على مصراعيها لهذا الحد، لم تكن مشكلات القوام تشغلنا، في صور آبائنا أيام الجامعة والزفاف منذ ثلاثين سنة أو أكثر، قلَّما تجد امرأة بدينة، أو رجلًا يحمل تجمعًا من الدهون في بطنه أيام الشباب، الجميع متناسقي القوام، الجميع أصحاب أجساد جيدة، يتمتعون بالصحة، لا يلهثون من صعود الدرج مثلما يحدث لغالبيتنا الآن.مع تطور الحياة وسرعتها، وكثرة المتطلبات أصبح الطعام الصحي شيئًا ثانويًّا لا يفكر فيه أحد، كثرت المطاعم التي تقدم الطعام الجاهز والسريع واللذيذ جدًّا، الكثير من الدهون، والجبن والصودا، ونحن في الجامعة وأماكن العمل، دائمًا أول ما نلجأ له طلب الطعام من الأماكن المجاورة، وأصبح دخول المطبخ محدودًا، بل حتى إن دخولنا المطبخ يقتصر على إعداد وجبات عالية السعرات مثل تلك التي نستهلكها طوال اليوم، ولكن الحلّ في ذلك الأمر في المطبخ.إن إعدادك لوجبات طعامك يشعرك بالإنجاز، كما أنه يفتح شهيتك لتتذوق ما صنعته يداك، حينما تدخل إلى المطبخ وتعد طعامك بنفسك، أنت الآن المتحكم في نسبة كل شيء، نسبة الملح والسكر والدهن، كما أنك حينما تطبخ لنفسك ستختار أنواع غنية بالقيمة الغذائية، لا السعرات الحرارية فحسب، كما أنك تتأكد من نظافة ما تستهلكه، فأنت من يغسل الأواني والأطباق، فأنت تتأكد من الجودة، من القيمة، من الطريقة الصحية للطهي، قبل أن تبدأ في اتباع حمية قاسية جرب أن تطهو لنفسك، أن تقلل السعرات وتستبدل الطرق غير الصحية بأخرى صحية، وستلاحظ بنفسك الفرق.الطبخ والعائلة
تقول صوفيا لورين "العنصر الذي لا غنى عنه في جميع الأطعمة الجيدة التي تطهى في المنزل هو: حب أولئك الذين تطهي لهم الطعام". في طفولتي، أكثر الأشياء إثارة للحماس كانت التجهيزات التي تسبق عيد الفطر، حيث الأم تصنع الكعك بينما نقوم نحن بأيدينا الصغيرة بنقشه وتزيينه، إنه من الأمور التي كانت تجلب السعادة للبيت، أن نتشارك في صناعة الطعام.إنه من الأمور التي تجعل الأطفال يشعرون بالفخر والسعادة، أنهم مهمون أبطال مشاركون في الأعمال المنزلية، يساعدون الأمّ فيما تفعله، وتشعر الأم حيال ذلك بالمشاركة والاهتمام من أفراد أسرتها، وهو الشعور الذي يدفع بها للسعادة، فلا يظهر الفتور أو الملل ولا تشعر بأن جهودها ضائعة. جرّب أيضًا أن تطهو لزوجتك حينما تمرض أو تتعب أو حينما تتأخر في عملها، فاجئها بوصفة تحبها وإن لم تكن متقنة الصنع، ستشعر أنها تأكل أفضل وجبة في العالم، حتى وإن كانت زوجتك لا تعمل، في الإجازة اصنع وجبة طعام للأسرة أو شاركها من حينٍ لآخر، إنه من الأمور التي تزيد المشاركة بينكما، وتشعرها بأهميتها لديك، وتوصل مشاعر الحب منك إلى قلبها، لا تستهن بالأفعال البسيطة فإن لها مفعول السحر.كما إن إشراك الأطفال في عملية الطهو يجعلهم يشعرون بالمسئولية، كما أنهم يراقبون عن قرب تلك العملية، فلا يكبرون مستهترين بالجهد المبذول، أسندوا إليهم الأعمال الخفيفة ويجب مراعاة بعدهم عن مصادر الخطر مثل الأطعمة الساخنة أو النار، وبالطبع السكاكين. فالأفعال التي تتسم بمشاركة أفراد الأسرة، أعمال تجلب السعادة والدفء.الطبخ والحالة النفسية
هل يساعد الطبخ على تحسّن الشخص وتقليل معدلات القلق أو الاكتئاب، بالطبع الطبخ يساعدك على تحسين حالتك النفسية عن طريق تقطيع الخضروات وطهيها ومزجها مع المكونات الأخرى، فالطبخ من المهام التي يمكن إنجازها بسرعة والتمتع بنتيجتها النهائية في الحال، كما أنه يساعدك على تصفية ذهنك، وهو من أساليب تدليل النفس، فأنت حينما تقدم لنفسك طعامًا صحيًّا، أو حتى طبقًا من الطعام المفضل لديك فأنت تعتنى بنفسك وتدللها وتقدم لها العناية والتربيت، أذكر أنني حينما كنت أشعر بشدة التوتر في الامتحانات أهرع إلى المطبخ وأبدأ بصنع الطعام، وحينما كنت أشعر بالضيق أو الغضب أو أي شعور من تلك المشاعر السلبية أمارس الطبخ، وقد كان علاجًا ناجحًا في كثير من الأحيان.بالطبع لا أقصد بذلك أنه يصلح كبديل للأدوية أو استشارة الطبيب، لكنه من العوامل المساعدة للنفس.