لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
ما يوافق حاجات القرآن في اللغة العربية
1 - إن السمة الإلهية التي أنزل بها الله تعاليمه الحكيمة وتشريعاته القاطعة هي سمة عالمية أبدية
باقية إلى قيام الساعة سواء بالاتباع أو بالكفر، وعالمية بأخذ المعنى المتعارف أنها لكل الجنس البشري في الممارسات الحياتية، وذلك بدليل احتواء الفقه الإسلامي القائم على تلك التشريعات للقوانين الوضعية التي وضعها البشر، الموجود منهم والقادم، وصفة الأبدية تنبع من أن الإسلام هو ختام حلقة الشرائع السماوية المنزلة منذ عهد سابق.وقياسًا على ذلك يجب أن توجَّه -أعني الشريعة- إلى الحاضر والقادم والقادم بعده إلى آخر الزمان، لذا؛ وإن كنت ستنقل جرة عظيمة من اللبن إلى مكان ناءٍ، فإن المنطق يدفعك دفعًا نحو البحث عن أوانٍ أطول عمرًا، وأوفر سعة، وأتمم جودة لحفظها حتى تصل إلى أقصى مدى من الأجيال القادمة. كما تحتاج إلى مثلها أبدع في الديباجة والصنع كي لا يسيح اللبن على الأرض بمجرد ثقب في الكيس.2 - التعاليم الإسلامية تعاليم شمولية جامعة
تكفلت بالفرد بدءًا من حياته المهنية وحياته الزوجية وحياته النفسية مع ذاته، وشملت أيضًا تعريضات إلى ما هو قادم من العلوم، ومهدت لذلك بتعريضات من الظاهر والباطن، والآي التي تدل على ذلك متوفرة في مواضعها. كما أسلفت إن الفقه الإسلامي نفسه توسع فأحاط بالقوانين الوضعية المستمدة من الشريعة الإسلامية الجامعة، وعليه؛ فإن من الحكمة أنك تحتاج لسانا -إلى جانب الصفة أعلاه- أوسع أسلوبيًّا واصطلاحيًّا لكي تفي بمقاصد كل تلك العلوم المتنوعة.وقد برز ذلك جليًّا في العصر الذهبي الذي شهد واحدة من أكبر حركات الترجمة إلى العربية حين لم تكن هناك عسرة في وفرة التراكيب التي تقابل تركيبًا واحدًا في اللغة الأم للنص المترجم، وإلى يومنا هذا، فإنك ترى أن النص العربي يمكن ترجمته إلى لغة من اللغات مثلًا لكن على صورة واحدة من الأصل أو اثنتين لا تتسع إلى أكثر من ذلك المقابلات في اللغة المترجم إليها، وعُدْ إلى أيّ مؤلَّف عربي تُرجِم بالفعل إلى لغة أخرى والعكس بالعكس.فانظر تجد:- أن النص العربي قد يحظى بترجمة واحدة على الأقل أو اثنتين ربما تتشابهان في نفس التراكيب الواحدة للغة المترجم إليها.
- أن النص غير العربي تراه إذا تُرجِمَ يقع عند ذلك في عدد من الصفحات يتباين عند آخر، وآخر يضع مقابلا لتركيب، وغيره يضع مقابلًا مغايرًا له يؤدي ذات المحتوى، كما أن النص نفسه قد يمضي في ترجمته غير واحد، ومؤلفات شكسبير المترجمة إلى العربية شاهدة على ذلك.
فنخلص مما سبق إلى نقاط
١. أن الاستباق بأمر ما يلزم من العزم قدرًا تمتلئ به حتى تفيض السواعد فتقوى، وهذا ما أتاحته العربية لسببين:- حمية العربي واحتكامه إلى الأدب المحفوظ بلسانه في شؤون حياته، مما هو أدعى إلى عدم تخليه عنه.
- أن اللغة العربية أجادت في حيِّز ضيق من الترف، في بيئة قاحلة جدباء، فنشأت على ذلك حتى قويت شوكتها واستقامت، فكان من المنطق أيضًا أنه إذا أصابها شيء من التمدن أن تؤثر فيه.