لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
الأشرار يذكروننا بأنفسنا
قد يبدو مُطَمْئِنًا لك أن تعرف أن هناك دراسة أجرتها جامعة نورث وسترن تسمى (التعاطف مع الشرير)، أوضحت فيها ريبيكا كراوس (المؤلف الرئيسي للدراسة) أن الناس يستغلون الأشرار في الخيال -سواء كان قصة أو فيلمًا- لعقد مقارنة بينهم وبين أنفسهم، فالأشرار بمثابة مرآة تعرفنا على الجانب المظلم بداخلنا بطريقة آمنة لا تؤذي ذواتنا الجيدة أو تشوّه صورتها في أعيننا، فمثلًا في الواقع أنت لا تقارن نفسك بمجرمٍ يسرق وينهب، لكن في الخيال تستطيع بحرية أن تعقد المقارنة بينك وبين أحد أبطال مسلسل "لا كاسا دي بابل"أجريت الدراسة وَفْقًا لمجلة العلوم النفسية على 232,500 مستخدم لموقع CharacTour الذي يُركّز على الشخصيات في الأفلام والمسلسلات، وعقد المستخدمون المقارنة بينهم وبين عدد كبير من الشخصيات المطروحة مثل: (شارلوك هولمز، ماليفسنت، الجوكر، جوي تربياني، وموريارتي، والملكة الشريرة، وغيرهم) واستنتجت الدراسة أن المستخدمين يميلون وينجذبون بشدة إلى الشخصيات الأكثر شرًّا الذين لا يتمتعون بالأخلاقيات العامة.والسبب في ذلك أنهم وجدوا أوجه الشبه الخفية بينهم تتوفر في مساحة من الخيال لا يمكنها أن تؤذي الشخص محلّ الدراسة، أو توصمه في الحقيقة. فمثلًا تأييدك لنموذج معادٍ للمجتمع في قصة خيالية قد يبدو مُبرَّرًا وغير ضارٍّ على الإطلاق، أمّا تأييدك وتشابهك مع شخصية حقيقية معادية للمجتمع فهو الشيء الذي قد يضعك معه في سَلَّة الخطر، ويُعرِّضك للوصمة الاجتماعية؛ لذلك لن تعترف بجانبك المظلم إلا إن كانت المقارنة تُعقد بينك وبين شخصية من وحي الخيال، هذا يعني أن انجذابنا لأشرار الخيال يبدو آمنًا وتعاطفنا معهم لا بأس به؛ ففي النهاية لن يجعلك ذلك تتساءل ما إن كنت شخصًا جيدًا أم لا؟فرويد يُفسّر حبنا للشخصيات ذات الجانب المظلم
هناك افتراضية في نظرية التحليل النفسي لفرويد تخبرنا بأن الإنسان بطبعه مُعادٍ للمجتمع، لديه رغبة دائمة في الحصول على ما يريد وقتما أراد، وهو الشيء الذي قد يخالف بناء المجتمع وقوانينه، فليس من حقّ الناس الاستيلاء على المحلّات أو المطاعِم أو على شخص آخر مثلًا إن أرادوا ذلك، لكنَّ الأشرار وحدهم ينفِّذون رغباتهم دون الوضع في الاعتبار أخلاقيات التعامل في المجتمع وحقوق غيرهم.ورغم أن الإنسان قد يصل من درجة تطوير النفس إلى ضبطها وَفقًا لقواعد المجموعة، والتحكم فيها، وإحياء الضمير، ومراعاة حقوق الغير، فقد يَقْبع تحت كلّ ذلك طبقة في الجانب المظلم من الشخصية تتكون من الأنانية الخالصة، وحبّ الذات غير المحدود، التي لو أُطلق لها العنان لصنعت لنا شريرًا مثاليًّا.لذلك فإن رؤية الأشرار في القصص والأفلام يفعلون ما يحلو لهم، تثير في أنفسنا الجانب المظلم، وتجعلنا نتعاطف ضمنيًا مع أهدافهم، حتى لو كنا في الواقع نختلف معها ونصدّها حين تحدث. مثال: العديد منا أعجبه التفجير الذي قام به الجوكر في المشفى، إنه مشهد رائع أَشَدْنَا به جميعًا، بل ويمزح العديد من الناس برغبتهم في فعل ذلك في مكان ما كالجامعة أو مقرّ العمل، لكن لا يتمنّى أحد ولا يوافق ولو في مكنون نفسه أن يحدث ذلك في الواقع لأناس حقيقيين.أما عالِم النفس أبراهام ما سلو، أوضح أن السبب وراء حبّنا للشخصيات الشريرة هو العُمق الذي تكون عليه هذه الشخصيات، والتغيير الذي حدث في حياتها، فبالطبع لم يُخلق الإنسان شِرِّيرًا، ولكنها رحلة تغيير. وفي نظريته التدرج في احتياجات الإنسان يتّضح لنا أن تلبية حاجات الأشرار هي شيء مُحفّز يجعلنا نُصدق أن كل شيء يمكن تحقيقه. فالشرِّير يكون لديه هدف وحاجة، ويُلَبِّيها؛ لذلك نحب أن نشاهد ثُلَّة من الذين يعانون في حياتهم، ولكن رحلة التغيير تنتهي بتلبيتهم لحاجاتهم. فمثلًا والتر وايت الذي كان مدرسًا مُستَخفًّا به أصبح هايزنبرغ المجرم العبقري الذي تَهابُه المافيا.ويُريحنا كمشاهدين أن نجد حلولًا للفقر، والمعاناة، أو لشخص لديه حاجة لم تُلَبَّ، فذلك يشعرنا بالأمان المزيف، وأن هناك طُرقًا -ولو شريرة- يستطيع المرء أن يسلكها لتلبية حاجاته. وقد اتضح ذلك في رَدّ فعل جمهور مسلسل بـ 100 وش الذي شجّع جماعة من اللصوص على مدار ثلاثين حلقة يجدون فيها طُرقًا ملتوية للنصب على آخرين والحصول على المال اللازم لسد احتياجاتهم.دراسة: لماذا تحبّ النساء الباد بويز - Bad boys
يعتقد الذكور في سن المراهقة وما يقاربه أن تعاطيهم التبغ، وانخراطهم في التدخين هو استراتيجية ناجحة لجذب انتباه النساء ونيل إعجابهن. وقد أُجريت دراسة تؤكد ذلك. للكن الفكرة التي انتشرت بأن النساء يحبون الرجال السيِّئين هي أكبر من مجرّد قيام الرجل بالتدخين، فمفهوم "السوء" الذي نَعْنِيه هنا يختلف بدرجةٍ كبيرة عمّا تستنبطه عند سماع الكلمة.تبدأ الحكاية بجنسنة شخصية الرجل السيِّئ في الأفلام، والمسلسلات، تلك الشخصية التي نختارها بعناية، فمثلًا عند قيام أحمد عز بدَوْر رضا في فيلم أولاد رزق أعجبت كثيرات بالطريقة التي كان يعامل بها رضا حبيبته سماح،الطريقة التي تُوصَف بالهمجية، والعنف، وانتهاك الحقوق، وهو الأمر الذي يوضح لنا نبذة بسيطةً عن المخفيّ وراء الظاهر، فالممثِّل الشابُّ له ملامح جذّابة، وبناء جسدي رياضي. مما يجعل تصرفه غير المقبول بكل المقاييس أمرًا جذّابًا في أعين النساء على أية حال. ولهذا يختار صناع السينما أكثر الرجال وسامة ليجسدوا شخصية الباد بوي. بينما يكون اللطفاء غريبي الأطوار في العادة لا يهتمون بشأن هندمة ملابسهم، ولا يجيدون التحدث، أو التصرف، وهو ما رسَّخ في ذهن العديد من النساء تلك الفكرة الخاطئة عن الرجال اللطفاء.لكن الأبحاث التي تتحدث عن الموضوع ذاته أكّدت أن الأمر يرجع إلى الإنسان الأول، فالمرأة في قديم الزمن كانت تنجذب إلى الرجل الأكثر قوة، الذي يستطيع حمايتها، والدفاع عنها عند اقتراب مؤشر الخطر، ويفسر لنا هذا الأمر لماذا لا يُعَدُّ الرجل اللطيف جذّابًا بالطريقة نَفْسها التي يكون عليها الرجل غير اللطيف/ الرجل السيِّئ.رأي بعض النساء العربيات، ولأي رجلٍ يشعرن بالانجذاب أكثر.
سألت بعض صديقاتي أيّ الرجال يُفضلن: الرجال اللطفاء، أم الباد بويز، وكانت هذه هي النتائج:
- أكثر من (60%) ينجذبن إلى الرجال اللطفاء، بشرط أن يكون ذلك الرجل اللطيف قادِرًا على التصرف بسلوك "جريء" إذا ما تطلَّب الأمر ذلك.
- (30%) ينجذبن إلى السيِّئين على المدى القصير، أي إنَّهُنَّ لا يرونهم كشركاء يُعتَمد عليهم في الحياة، ولكنه مجرد انجذاب عابرٍ لأنهن يرون هؤلاء أكثر جاذبية لا أكثر.
- لا تفضل (90%) من النساء أن يكون الرجل مُدخِّنًا وقد نَعَتُوا الاعتقاد السابق ذِكْره في الدراسة بالغباء. ونفس النِّسْبة من النساء لا تحبّ أن يكون الرجل مُهَيْمنًا بدرجة تنتهك حقوقها.
- نسبة ضئيلة فضّلت الباد بويز كشركاء، وأعجبت بهم على المدى الطويل.